اللوبي الصهيوني والراي العام في بريطانيا

بعد عرض سريع لتاريخ اليهود في بريطانيا، لا سيما الفترات التاريخية التي شهدت نشوء المؤسسات والمنظمات التي شكَّلت اللبنات الأولى لظهور المنظمات الصهيونية ذات النشاط السياسي، تناول الباحث والإعلامي نوَّاف يوسف التميمي – في هذا الكتاب - مراحل تطور نواة اللوبي الصهيوني في بريطانيا، والتي بدأت بالتشكل قبل صدور "وعد بلفور" في عام 1917، وصولاً إلى فترة السبعينات التي شهدت البدايات الأولى لِتشكُّل منظمات محلية للوبي الصهيوني في بريطانيا. كما رصد من خلال استخدامه منهجية "تحليل بنية القوة" قائمة أبرز منظمات اللوبي الصهيوني الناشطة في بريطانيا راهناً، وأساليب عملها وتأثيراتها على الحياة السياسية، كما تطرق المؤلف إلى مختلف المراحل التي مرَّ بها الموقفان الرسمي والشعبي من القضية الفلسطينية منذ ما قبل إنشاء إسرائيل ووصولاً إلى الوقت الراهن، كما أعطى أهمية خاصة لمسألتين يُركز عليهما في هذا الكتاب؛ الأولى: أهمية "منظمات الضغط والدعاية السياسية" في التأثير على الرأي العام ومواقفه، والثانية: "محورية بريطانيا في المشروع الصهيوني". وبهذا يكون هذا المجهود البحثي – غير المسبوق باللغة العربية – التعرض لمراحل مختلفة من "التغلغل" الصهيوني في الأوساط السياسية البريطانية، والتعرف على الاستراتيجيات والتكتيكات، التي وظفتها منظمات "اللوبي الصهيوني" في سبيل استمالة الرأي العام البريطاني، لا سيما خلال العقد الأخير؛ إذ ظهرت مختلف الأوساط البريطانية أكثر تعاطفاً وتفهماً لـ "الرواية الفلسطينية"، بعد أن ظلّت لعقود طويلة رهينة "الدعاية الصهيونية" سواء بالترغيب أو بالترهيب. وقد تجلت هذه التحولات في ثلاثة مستويات رئيسية: توجهات الرأي العام، وتوسع حركة مقاطعة إسرائيل، والاعتراف البرلماني غير الملزم بـ "دولة فلسطين". أضف إلى ذلك التحول في تعامل وسائل الإعلام البريطانية مع مسألة الصراع العربي – الإسرائيلي، وكسر "تابو" انتقاد إسرائيل واحتلالها، وممارستها العنصرية، ولجوؤها إلى القوة المُفرطة ضد المدنيين الفلسطينيين.