جوري وبعد

"جوري وبعد .." العمل الروائي الأول للكاتبة السورية يارا منصور، يعكس في جانب كبير منه العالم الداخلي للإنسان العربي، والسوري تحديداً بتصدعاته وانهياراته التي تتخذ أشكالاً متعددة، داخل حدود الوطن وخارجه، فـ "بيسان" فتاة سورية غادرت بلادها في غفلة من الوطنية، وقصدت بلداً آخر حيث لا أحزاب، لا مزايدات، لا شيء إلا الصمت .. الذي طالما حلمت بالإمتلاء به ... وفي واحدة من مقاهي البلد المضيف، يجمعها القدر بـ "حسام" الذي رأى فيها ملامح سورية، ليبدأ الحديث بين الإثنين وكأنهما على موعد مسبق.
في هذه الأثناء يصل "وسيم" الذي كانت تجمعها به علاقة حب، ولأنه فضل الهجرة إلى لندن والدراسة على حبّه، ترفض "بيسان" الرجوع إليه، لتبدأ قصة حب أخرى وجرح أكبر.
وعليه، نقرأ في "جوري وبعد .." نصاً روائياً جميلاً، يعالج قضايا حساسة، ويقتحم مناطق محرمة، وقد صاغته بلغة رومانسية تلامس المستوى الشعري، وقدرة واضحة على التصوير والوصف والتذكر، تثبت من خلاله الكاتبة منصور أن خطوتها الأولى واثقة على الدرب الروائي الطويل.
تقول الكاتبة يارا منصور: كتبتني حروفي قبل أن أفكك خيوط هذيانها .. قبل أن أجرؤ على التفكير في تحنيطها في كتاب .. في السابعة عشرة .. في سنيّ التفتح .. فتح الوطن جرحه على مرأى من قلمي مسيراً إياه في رحلة رسمت تاريخ وجع وخطى حب مشحون بالغربة .. دافعاً إياه لارتكاب أولى جرائمه .. حيث أن الكلمات بلغت خلاله سن الفاجعة ..
وبذلك الغرور الأبدي للحب انسكبت همسات العاشقين جداول كلمات وفوضى لغة .. جففتها يد القدر المدفوعة من غيظ مجتمع ذكوري ووطن أحرقه أبناؤه تشتتاً وفرقة ..
لمن سمع نبض حروفي .. اهدنا إلى المحطة .. تعبت حقائبنا الملأى عشقاً وتشرداً من المسير ..".