حوكمة المؤسسات في ضوء الفكر المعاصر

لقد نال موضوع حوكمة المؤسسات (Institutions governance) أهمية كبيرة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي والعالمي وكان ذلك جليًا فى العديد من الدول المتقدمة والناشئة مصاحبًا للتحول إلى النظام الرأسمالي إلى جانب التطورات السريعة فى مجال الأعمال وكبر حجم المؤسسات، ونمو المؤسسات الكبيرة والخاصة والتي جعلت من هياكل المؤسسات وتصنيفها أمرًا غاية التعقيد والتقلب، فكانت حرية التجارة والتطور التكنولوجي والتكتلات الإقتصادية الكبرى وسلسلة الأحداث المتتالية التي وقعت في العقدين الأخيرين وما صاحبهما من أزمات دافعًا للبحث عن فلسفة او منهجية جديدة لإعادة التوازن وضبط أداء هذه المؤسسات وعلى الجانب الأخر ظهور مبدأ الفصل بين ملكية المؤسسات وإدارتها ونفوذ كبار المساهمين على الصغار منهم وتضارب المصالح بين جمهور المتعاملين مع المؤسسات سواء داخلها أو خارجها، لذا كان من اللازم البحث عن نظام او نظم رقابية لمواجهة المخاطر المالية والإدارية وحماية أصحاب المصالح جميعا والإلتزام بالشفافيه والمصداقية والسلوك الأخلاقى والعدالة بين جميع المساهمين، وموائمة كل التطورات التكنولوجية والفنية عن طريق (منهج حوكمة المؤسسات) فإحتلت الحوكمة مكانًا بارزًا متميزًا بعدما أثرت الأزمات الإقتصادية على عدد من الدول إلا أنه مازال يعتريه ويحيط به بعض من الغموض عند الكثير من الأفراد حيث أن مفاهيم الحوكمة ما زالت تدور بين التعريف والأهمية والمبررات والضوابط لبعض المهتمين فى المجال .إن حوكمة المؤسسات لما لها من بصمات واضحة على أسلوب الإدارة وإستراتجيتها وسياستها على إتخاذ القرار الرشيد والإلتزام الأخلاقي ومواجهة المخاطر من أجل االتميز المؤسسي كان له أثًرًا إيجابيًا على الأداء المؤسسي وتحقيق النمو المنشود والتحول من التقليدية إلى الإلكترونية – الرقمية، وأصبح إهتمام الشركات، المؤسسات، المنظمات – بالحوكمة خاصة بقياس الأداء اعتمادًا على أسس ومبادئ ومؤشرات كمية وأيضًا معايير وأساليب يتأكد من خلالها مستوى الأداء وجودته ضمانًا لتطوره فى الإتجاه السليم وفق رؤى ومصالح جميع الأطراف ذوى العلاقة وذوى المصالح المختلفة ووفق الخطط والأهداف الطموحة التى تنشد العدالة والتحسين والتميز المؤسسي ، وأمام التطور المعرفي والمعلوماتي كان لابد من إستثمار وتفعيل المعلومات المتاحة لإتخاذ القرار وتحقيق أهداف الحوكمة إلى جانب المقارنة المرجعية لأداء المؤسسة مع المؤسسات الأخرى فى نفس المجال محليًا وعالميًا والإستفادة من خبرات الآخرين وتطويع ثمار هذه التجارب لخدمة المؤسسات على إختلاف أنواعها ومستوياتها.